كتب آرون بوكسرمان في تقريره من القدس أن خطط إسرائيل لإجبار الفلسطينيين على النزوح نحو جنوب غزة استعدادًا لهجوم واسع على مدينة غزة أثارت خلافات متصاعدة مع مصر، التي تخشى أن تؤدي العملية إلى دفع السكان نحو أراضيها.
أشارت صحيفة النيويورك تايمز إلى أن المسؤولين المصريين والإسرائيليين تبادلوا الانتقادات خلال الأيام الأخيرة بشأن الاستعدادات الإسرائيلية للهجوم، بينما يعيش مئات الآلاف من الفلسطينيين داخل المدينة. ويرى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن غزة الشمالية تمثل آخر معاقل حركة حماس التي قادت هجوم 2023 على إسرائيل، وأكد أن نحو مئة ألف فلسطيني غادروا المدينة بعد أوامر الجيش، فيما ما زال مئات الآلاف عالقين.
كثّفت إسرائيل قصف الأبراج السكنية في غزة، مبررةً استخدامها من قبل حماس، وهو ما تنفيه الحركة. وأعلن الجيش الإسرائيلي استهداف مبنى آخر مساء الأحد بعد إصدار أوامر بالإخلاء، من دون توضيح سقوط ضحايا. وفي موازاة ذلك، دعا نتنياهو مصر إلى استقبال المزيد من اللاجئين الفلسطينيين، من دون توضيح ما إذا كان سيسمح بعودتهم بعد الحرب.
اتهم نتنياهو القاهرة بأنها "تفضّل حبس سكان غزة داخل منطقة حرب"، بينما ردت الخارجية المصرية بالتأكيد على أن إنهاء الحرب مسؤولية إسرائيل وحدها. وتقول الحكومة الإسرائيلية إنها مستعدة لوقف القتال إذا التزمت حماس بشروط تشمل نزع سلاحها.
أبدت مصر مخاوف إضافية من أن تدفقًا واسعًا للفلسطينيين سيهدد أمنها الداخلي، إذ تخشى أن ينطلق مقاتلون من أراضيها نحو إسرائيل ما قد يستجلب ردًا عسكريًا. ويشير مسؤولون إسرائيليون إلى ضرورة السماح لسكان غزة بالهجرة "الطوعية" بعد نحو عامين من الحرب والجوع، بينما يرى كثيرون من الفلسطينيين أن الرحيل غير ممكن، وأن العودة ستكون محرومة إلى الأبد إذا خرجوا.
أصدر الجيش الإسرائيلي أوامر جديدة للسكان المتبقين في غزة بمغادرة المدينة والتوجه إلى منطقة "إنسانية" في جنوب القطاع قرب الحدود المصرية، رغم أن كثيرين تعرضوا للنزوح مرات عدة منذ بدء الحرب. وانتقد وزير خارجية الانقلاب المصري بدر عبد العاطي هذه التوجيهات السبت، واصفًا الحديث عن "هجرة طوعية" بأنه "عبثي".
حذّرت منظمات إنسانية من استحالة الإجلاء الجماعي، مؤكدة أن غزة لم تعد تضم أي مناطق آمنة. ويخشى بعض الفلسطينيين أن تسعى إسرائيل إلى جعل الحياة داخل القطاع غير محتملة لدفع الناس إلى المغادرة بأي وسيلة.
رغم التحالف الاستراتيجي بين القاهرة وتل أبيب وتعاونهما الوثيق أمنيًا، اشتدت خلافاتهما الدبلوماسية بسبب الحرب، خصوصًا مع أي مقترحات تتعلق بنزوح جماعي للفلسطينيين إلى مصر. وخلال الأسابيع الأولى من الصراع، ضغطت إسرائيل على حلفائها لإقناع القاهرة بقبول اللاجئين، ما أثار مخاوف من أن يتحول النزوح إلى طرد دائم. عارضت مصر بشدة، وتدخلت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن لإجهاض الخطة.
سمحت القاهرة خلال الأشهر الأولى بخروج عشرات الآلاف من الفلسطينيين عبر معبر رفح إلى أراضيها، لكنها أوقفت ذلك بعد اجتياح القوات الإسرائيلية للمدينة الجنوبية، وأغلقت حدودها احتجاجًا.
يُبرز هذا المشهد معضلة أمنية وسياسية عميقة، إذ تصر إسرائيل على استكمال هجومها على مدينة غزة باعتبارها "معقلًا نهائيًا لحماس"، بينما تخشى حكومة السيسي أن يؤدي ذلك إلى تغيير ديموجرافي خطير يمس استقرارها الداخلي، وسط واقع إنساني متدهور يعجز فيه الفلسطينيون عن إيجاد ملاذ آمن داخل القطاع.
https://www.nytimes.com/2025/09/07/world/middleeast/egypt-israel-gaza-city.html